Maroc Confidentiel

البكاء على الأطلال من طرف خبير في السفرتح والخروطو

الانفصاليين والوحدويين في الصحراء

المغرب   الصحراء الغربية    

قلم : عبدالله حافيظي السباعي الإدريسي
باحث كتخصص في الشؤون الصحراوية والموريتانية

تعيش مدن الصحراء المغربية حراكا غير مسبوق ، تظاهرات انفصالية ، أعلام الانفصال ترفع في كل الشوارع الرئيسية لمدن الصحراء ، صراخ وعويل للنساء والأطفال … شعارات إنفصالية تردد في كل المظاهرات : لا بذيل ، لا بذيل في تقرير المصير …

لم تعد السلطات المغربية تعرف كيف ستتصرف … العصى الغليظة لم تعد ممكنة … يافطة حقوق الانسان فزاعة على رأس الجميع … وفود حقوقية جعلت من جهة الصحراء قبلتها المفضلة ، يأتون فرادا وجماعات من كل فج عميق ، إنها خطة الجزائر وربيبتها البوليساريو … إنهم يخططون لإحراج المغرب على الصعيد العالمي ، سيبقى ملف حقوق الانسان مفتوحا الى حين التصويت على توسيع اختصاصات الميرنسو في الصحراء لتشمل ميدان حقوق الانسان العام المقبل ، أبريل القادم سيكون فاصلا بين الطرفين … إذا لم تحدث مستجدات ونزل المغرب من برجه العاجي وأعطى للصحراويين جهوية موسعة قبل الحكم الذاتي فستقع الطامة الكبرى … المغرب يجب ان يمنح شيئا ملموسا للصحراويين عربونا على حسن النية …

الصحراويين الانفصاليين أحسوا بأن المجتمع الدولي معهم ، لن يتركوا الفرصة تضيع من بين ايديهم ، انها فرصة العمر … المجتمع الدولي مع الانفصاليين الصحراويين ، حتى التقرير الأممي الاخير من قرأه قراءة متأنية سيجد أنه في صالح اطروحة الانفصاليين ، وهو رغم أنه لا ينص على توسيع مهمات الميرنسو لتشمل مراقبة حقوق الانسان في الصحراء المغربية فإنه ينص في أحد بنوده صراحة وبدون لف او دوران ، الى أن مهمة الميرنسو هي السهر على تطبيق مبدأ تقرير مصير الشعب الصحراوي على حد قول القرار الأممي … وبناء عليه يجب على الاعلام المغربي أن يقرأ قرارات الأمم المتحدة بكل أمانة حتى يكون الشعب المغربي على اطلاع حقيقة ما يحاك ضده في الخفاء … بذل ترك الشعب في دار غفلون ، فلماذا لا تقوم وزارة الاعلام بقراءة القرار الأممي بندا بندا وتحليله من طرف المختصين في مجال القانون الدولي … إن الاعلام الرسمي المغربي يكيل بمكيالين ، ولا يقول الحقيقة للشعب المغربي فيما يتعلق بالتطور الخطير لملف الصحراء المغربية …

المغرب لا زال يبحث عن نفسه ، لا زال لم يستفق من الغيبوبة ومن نشوة انتصار كاذبة على عدم تبني مشروع القرار الامريكي الذي كان يطمح الى توسيع مهمات الميرنسو لتشمل مراقبة حقوق الانسان في الصحراء المغربية … يجب ان لا نقف عند ويل للمصلين ، فالقرار الأممي يحتوي على اشياء خطيرة على المغرب في الحاضر والمستقبل … ارجعوا الى القرار الأممي الاخير وستعرفون أن ما أقوله هو عين الحقيقة ، والله على ما اقوله شهيد …

المجلس الملكي الاستشاري الصحراوي يغط في سبات عميق رغم انتهاء مدة انتدابه ، يكفيه أن الميزانية تأتي غير ناقصة من الديوان الملكي وتصرف بدون رقيب او حسيب …

المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الوقت الذي تندر فيه الظروف في الصحراء بأوخم العواقب ، ينظم ندوات تصرف عليها ملايين الدراهم ويجلب لها كل من هب وذب ممن يسمونهم مثقفي الصحراء وحكمائها ، يسافرون على حساب المجلس على متن الطائرات ويوضعون في ارقى الفنادق في الرباط ، وفي الوقت الذي تشهد فيه مدن الصحراء أخطر التظاهرات الانفصالية ، يناقش هو الشعر الحساني وكفيه تطوير الطلعة والكاف والكرزة،والخيمة ، وطريقة الزفاف والعادات في الصحراء المغربية …

كل المسئولين خانوا القضية … فشلوا فشلا ذريعا في تسويق الملف… جلالة الملك هو الذي أنقد الوقف وأقنع الحليف الأمريكي بسحب مشروع قراره القاضي بتوسيع مهمات الميرنسو لتشمل مراقبة حقوق الانسان في الصحراء … والى متى سيكون الملك أداة لإطفاء حرائق اشعلها ويشعلها المسئولين عن ملف الصحراء ؟ … ألم يحن الوقت لتكون المسؤولية تكليفا وليست تشريفا في المغرب … بعثة مغربية بالامم المتحدة ، سفارة في واشنطن ، تحاك ضد المغرب افظع المؤامرات وهي تغط في نومها العميق ، الدبلوماسية المغربية دفاعية على عكس الدبلوماسية الجزائرية وربيتها البوليساريو هجومية …

أين النخبة التي ورثها المغرب عن الاستعمار الاسباني الغاشم قبل 1975 ؟ وأين النخبة التي كونها بعد المسيرة الخضراء ؟ أين أعيان الصحراء ؟ أين المسئولين من وزراء وولاة وعمال ورجال سلطة الذين وأوصلوا المنطقة الى هذه الوضعية التي لا تحسد عليها … هم من اغنياء البلد اليوم ولا رقيب ولا حسيب … السارق في المغرب ومستغل النفوذ لا يحاسب في الدنيا أما في الاخرة فحسابه سيكون عسيرا … والولاة والعمال ورجال الأمن الذين تقلدوا ارقى المسؤوليات في الصحراء المغربية هم من أغنياء المغرب اليوم ، كل رجال الصحراء المقربين من النظام اليوم هم من اغنى اغنياء المنطقة ، نحن نغبطهم ولا نحسدهم لكن للمغاربة الحق في مطالبتهم برد الجميل وبان يقفوا اليوم وقفة رجل واحد لإخراج المغرب من الورطة التي وضعوه فيها … الكهول والشبان والأطفال والنساء الذين يحملون أعلام الإنفصال ويتظاهرون في شارع السمارة ، وحي معطى الله وساكنته كلهم صحراويين من ابناء وحفدة وأعمام وأخوال النخبة التي اغناها المغرب وأغدق عليها من العطايا ما لا يعد ولا يحصى ، المتظاهرون الذين يقضون مضجع الامن المغربي هم أبناء وأقارب شيوخ تحديد الهوية أو الهاوية بعبارة أصح ، والذين يتقاضون اليوم ما لا يتقاضاه حامل شهادة الدكتورة من أبناء الصحراء الذين يشكون من بطالة مقنعة ولا من ينقذهم من أوضاع مزرية قد تدفعهم الى الاستنجاد بمن هو افظع من البوليساريو … لماذا لا يساهم اليوم أعيان الصحراء وشيوخها في إقناع أبنائهم وذويهم بتوقيف أعمال الشغب وتحكيم العقل والتعبير عن المطالب بالتي هي احسن … ؟ فما فائدة نخبة المغرب في الصحراء بمنتخبيها وشيوخها ورجال سلطتها اذا لم تساهم اليوم في وقف هذا الحراك الانفصالي …؟؟؟

المتظاهرون اليوم وحاملي رايات الانفصال هم أبناء وإخوة وأبناء عمومة هؤلاء الأعيان والمسئولين في الصحراء إنهم يخططون للبقاء للمزيد من النهب ولا تهمهم مصلحة البلد … إن سر بقاء هذه النخبة هو استمرار هذه المظاهرات الصاخبة لأن المغرب لا يفكر في النخبة إلا في الاوقات الحرجة ، وأطال الله عمر باشا طرفاية السابق ولد حيدار عندما قال لصالح زمراك وهو يمن عليه أن المغرب أغنى أبناء الصحراء قال له ولد حيدار : الله اجعل البركة في مدافع أولادنا …

المظاهرات ستجدد يوما عن يوم ، ستسيل الدماء بين الفريقين ، سيرمون رجال الامن بالحجارة وسيجرونهم لكي يقومون

بضرب المتظاهرين من أجل تصويرهم وإرسال الصور ونشرها في كل وسائل الاعلام في العالم من اجل جلب عطف المجتمع الدولي … سينبري المنافقون نكاية في الوطن ، سيحركون أهل الداخل ضد أهل البلد ، الشلوحة ضد ما يطلقون عليه السكان الاصليين … سيسلحون السراغنة ضد الصحراويين ، كما فعل الباشا
الكرواني سنة 1999 بأوامر من الوزير المخلوع البصري … وإذا كان الله سلم في تلك الفترة فالله اعلم ماذا سيقع الان …

سيحركون الاحزاب السياسية والجمعيات للدفاع عن مصالح الأعيان والمسئولين الكبار، وسينظمون المظاهرات المضادة المؤدى عنها ، أما مصلحة الوطن فلا احد يفكر فيها …

حكومة الإسلاميين لا حول لها ولا قوة … ليس من بينهم صحراوي واحد ينير لهم الطريق ، حكومة أهملت أهل منطقة برمتها رغم أن المنطقة هي قطب الرحا في الجهة بأجمعها… بنكيران لا يعرف من الصحراء إلا ما اسر به عليه بعض المقربين الذين لا يعرفون من الصحراء إلا العام زين … والصحراء مغربية الى ان يرث الله الارض ومن عليها … كنا ننتظر ان تحطم حكومة الاسلاميين خط بارليف في الصحراء إلا أن دار لقمان تبقيت على حالها … إلا ان بقاء الحال من المحال …باستثناء زيارة يتيمة للوزير الرباح الى ميناء بوجدور، أو زيارة وزير الدولة عبدالله بها قصد حل اشكالية مكتب الحزب بجهة العيون وإبعاد عبد القادر بريهوما ومنح رئاسة المكتب لأحد ابناء المنطقة الاصليين … أي وزير آخر اسلامي لم يزر المنطقة ، حزب العدالة والتنمية كانت له مصداقية في الصحراء إلا أنه يفقدها اليوم نتيجة تقاعسه وتركه للأمور تسير من سيئ الى أسوء ، عدد القوات الامنية تضاعف عشرات المرات بل اصبحت منطقة الصحراء في عهد حكومة بنكيران منطقة منكوبة ، كل شيء فيها محروس ومراقب ، رجال الامن ينتقمون شرانتقام من كل من سولت له نفسه حتى المطالبة بحقه المشروع ، بعض رجال الامن يقومون بنهب وتخريب وسحل كل منزل آمن التجأ اليه اي طفل صغير تم استغلاله من طرف الانفصاليين واستعماله اداة لمعاكسة الأمن المغربي …الامن في الصحراء ينشر الرعب بين السكان بذل نشر الامن والأمان … أموال الانعاش الوطني ، ألإعتمادات المرصودة لسكان مخيمات الوحدة ازيد من 64 مليار في السنة ، لا زالت تهدر في واضحة النهار ، الولاة لا زالوا يغدقون العطايا على الأهل والأحباب والمقربين … هذا في زمن حكومة الاسلاميين التي كان يعلق عليها الشعب المغربي آمالا كبيرة في ايقاف النزيف على الاقل … كان الجميع ينتظر أن يقوم رئيس الحكومة ولو بزيارة ود ومجاملة لأهل الصحراء ، إلا انه لم يفعل لأن الملف أكبر منه ولا يحق له الاقتراب من سور حديقة الصحراء لأنه محروس محروس يا ولدي …

خيرات الصحراء توزع على النطيحة وما أكل السبع الموقودة والمتردية … أما السائل والمحروم فلا مكان له في مال الصحراء وخيرات الصحراء…

ستتولى التصريحات النارية على شاكلة تصريح شباط الذي طالب باسترجاع مناطق الصحراء الشرقية في زمن لا زال المغرب لم ننعم بالاستقرار في الصحراء الغربية … يريد إشعال النار في كل المنطقة باستهداف الجزائر التي لا يعرف أنها اكبر دولة وأغنى دولة في المنطقة وعاش من عرف قدره وجلس دونه … وشباط يجسد القول الصحراوي ، حطب الخادم عندما غلبها زادته … المغرب اليوم في حاجة الى الاستقرار وليس الى خلق الازمات من اجل خدمة الاغراض الانانية …

الكل يعلق آمالا كبيرة على مبادرة من طرف جلالة الملك الذي يحظى بالحب والاحترام من طرف الجميع من اجل الاعلان عن جهوية موسعة تسلم فيها زمام الامور الى نخبة حقيقية في الصحراء منبثقة عن انتخابات نزيهة لساكنة الصحراء بدون لف او دوران او تحالف مغشوش مع نخب الماضي ، جهوية موسعة أنا متيقن أنها ستساهم مساهمة فعالة حتى في إقناع إخواننا في تيندوف في تبني حل الحكم الذاتي تحث السيادة المغربية لأنه الحل الوحيد الذي سينهي هذه المعضلة … وكل من يبحث عن حل آخر بعيدا عن الحكم الذاتي فهو يحلم في واضحة النهار … المغرب نجح في بناء الصحراء عمرانيا ، وفشل في بناء انسان صحراوي وحدوي … مغاربة الأقاليم الشمالية استوطنوا الصحراء ، وسكان الصحراء الأصليين لا يشكلون اليوم أزيد من عشرة في المائة من ساكنة المنطقة ، ستة وثلاثين سنة التي قضاها المغرب في الصحراء خلقت وضعا جديدا في المنطقة يجب أخذه بعين الإعتبار … ساكنة المنطقة بكل اطيافها ومللها ونحلها ستكون لها الكلمة الفصل في كل حل محتمل في المستقبل ، ولا يجب تهميشها بأي حال من الاحوال …

إذا وجد جلالة الملك من يوصل اليه كل هذه الحقائق بدون لف أو دوران ، وبدون نفاق ولا محاباة ، فإن المشكل يسجد له حلا ناجعا في القريب العاجل … وإلا فعلينا ان ننتظر سنوات عجاف قد يعاني فيها السجين والسجان … والوحدوي والانفصالي …
فالهم احفظ ملكنا الهمام من المقربين منه أما أعداؤه فهو كفيل بهم …

رد فعل المسئولين المغاربة على الانتفاضات الجديدة لانفصاليي الداخل جاء سريعا حيث عمد الولاة الى توقيف رواتب كل من تبث انه شارك في أية مظاهرة مع انفصاليي الداخل ، كما تم توقيف كرطيات الانعاش على المئات من المواطنين عقابا لهم ، وهذه الاجراءات قد تأتي عكس النتائج التوخاة منها ، المثل يقول قطع الاعناق ولا قطع الارزاق ، وكل تضييق على المواطن الصحراوي هو إعطائه لقمة سائغة للانفصاليين …المغرب هو الذي وظف آلاف الصحراويين وسماهم أشبال الحسن الثاني وتركهم موظفين اشباحا الى يومنا هذا، ونفس الشيء لآلاف العائدين تلبية للنداء الملكي السامي إن الوطن غفور رحيم ، وأغلبهم موظفين اشباحا ، فهل سيقدم المغرب على توقيف رواتب هؤلاء الصحراويين ؟ إذا طبق القانون على هؤلاء الموظفين الاشباح الصحراويين فسيعطي نتائج عكسية وسيكون هؤلاء الصحراويين حطبا لكل الانتفاضات في الصحراء مستقبلا … وهذا ما يطمح اليه اعداء وحدتنا الترابية … الغلط ليس غلط الموظفين الاشباح في الصحراء الذين يتجاوز عددهم اليوم عشرات الآلاف ، الغلط المسئولين المغاربة الذين وظفوهم أول يوم وتركوهم عرضة للضياع والتسكع …

الجميع ينتظر زيارة ملكية مباركة للصحراء المغربية يعلن خلالها جلالته عن وضع أسس لجهوية موسعة تكون قنطرة لمنح المنطقة حكما ذاتيا حقيقيا على اسس ديمقراطية تحث السيادة المغربية ، وهو الحل الناجع لهذا المشكل العويص ، وأن اي تأخر في منح الحكم الذاتي لساكنة الصحراء سيكون في صالح الانفصاليين ، وسيخلق مشاكل للمغرب يصعب حلها في المستقبل …
وحرر بنواكشوط في 29 ماي 2013

Quitter la version mobile