المغرب لجنة القدس التطبيع إسرائيل
مذكرة مرفوعة إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله تهم تطوير عمل لجنة القدس
نعم سيدي أعزك الله،
يتشرف وزير الشؤون الخارجية والتعاون أن يرفع إلى جلالتكم مذكرة ببعض المقترحات التي تهم تطوير عمل لجنة القدس التي ترأسونها. وذلك تماشياً مع العطف السابغ والعناية الفائقة التي تولونها للمدينة المقدسة والتي تترجمها الديناميكية غير المسبوقة خلال السنوات العشر الأخيرة لبرامج بيت مال القدس، الذراع التنفيذية للجنة القدس الشريف. حيث ساهمت في التخفيف من معاناة قرابة 250 ألف مواطن مقدسي يعيشون داخل أسوار المدينة المقدسة أو في أكنافها ضمن القرى التي تدخل ضمن ما يسميه الاحتلال بـ »جيروزاليم الكبرى ». ولا شك أن ما أنجز ميدانياً في مجالات الإسكان والتعليم والصحة وترميم المآثر والمساعدات الإنسانية المختلفة وصيانة المقدسات وغيرها من الأعمال هي محط تقدير من المقدسيين والفلسطينيين عموماً، وكل محبي السلام والعدل في العالم. واليوم بعد مرور قرابة خمسين سنة على احتلال القدس الشريف، ومع تزايد الاعتداءات على المقدسيين والتضييق عليهم ومصادرة ممتلكاتهم وتسريع وتيرة الاستيطان والتهويد، تتزايد الحاجة إلى تطوير أشكال وآليات دعم صمود المقدسيين من خلال تطوير أشكال وآليات تدخل لجنة القدس الشريف.
1. وضع نظام داخلي:
إن لجنة القدس المحدثة بمقتضى المادة الحادية عشرة من ميثاق منظمة التعاون الإسلامي، هي كما في علم جلالتكم، رابع لجنة من اللجان الدائمة التي أحدثت لمعالجة القضايا ذات الأهمية القصوى للمنظمة، وهي اللجنة الدائمة للإعلام والشؤون الثقافية (كومياك برئاسة الرئيس السنغالي) اللجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري (كومسيك برئاسة الرئيس التركي) واللجنة الدائمة للتعاون العلمي والتكنولوجي (كومستيك برئاسة الرئيس الباكستاني).
وتنفرد لجنة القدس بخصوصية تركيزها على موضوع محوري واحد ألا وهو الدفاع عن القدس الشريف، سياسيا من خلال المقترحات والمبادرات والمشاريع العملية ذات الصلة،
وذلك بخلاف اللجان الأخرى التي هي لجان متخصصة وتضم الوزراء ذوي الاختصاص، من جميع الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي.
إلا أن لجنة القدس لا تتوفر، على نظام خاص بها ولا على هياكل لتنظيم عملها على غرار اللجان الدائمة الأخرى التي تنص أنظمتها الأساسية على وجود:
« جمعية عامة »: تتكون من الوزراء ذوي الاختصاص من جميع الدول الأعضاء؛
« لجنة المتابعة »: تضم عددا محدودا من ممثلي الدول الأعضاء يتم انتخابهم من طرف الجمعية العامة؛
« لجنة الدورة »؛
« مكتب وطني للتنسيق »: وهو هيئة وطنية يحق لرئيس اللجنة الدائمة إحداثه، إذا اقتضت الحاجة، للتنسيق بين اللجنة والأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي.
وبناء عليه يقترح وزير الشؤون الخارجية والتعاون على النظر السديد لجلالتكم، وضع نظام داخلي للجنة القدس يبسط اختصاصاتها دون أي تقييد لصلاحيات الرئاسة، استنادا إلى القرارين الأولين المتعلقين بها (قرار الإنشاء: الدورة 6 لمجلس وزراء الخارجية/ جدة، 15ـ7ـ1975 وقرار إسناد الرئاسة إلى عاهل المملكة المغربية: الدورة 10 لمجلس وزراء الخارجية/ فاس، 12ـ5ـ1979)، ويراعي خصوصياتها: كونها لجنة سياسية بامتياز، وتقتصر العضوية فيها على عدد محدود من الدول، تنتخب من طرف مجلس وزراء الخارجية أو القمة، ولها ذراع تنفيذية تتمثل في « وكالة بيت مال القدس الشريف ».
2. إحداث مكتب تنسيقي:
يمكن التنصيص، إما في النظام الأساسي للجنة، أو فقط بموجب قرار، على إحداث « مكتب تنسيقي » برئاسة وزير الشؤون الخارجية والتعاون للمملكة المغربية وعضوية وزير خارجية فلسطين (عضوان دائمان) إلى جانب وزراء خارجية المملكة العربية السعودية والأردن والسنغال ومصر وتركيا واندونيسيا، يجتمع بكيفية منتظمة مرة في السنة)، يكون من اختصاصاته متابعة تنفيذ توصيات اللجنة والتحضير لدوراتها والتشاور في بعض الخطوات والمبادرات وإعداد تقارير لرئاسة اللجنة ومن ثم إلى القمة، علاوة على التنسيق مع « لجنة الوصاية » لوكالة بيت مال القدس الشريف. بالإضافة إلى إعداد برنامج عمل تنفيذي يصادق عليه رئيس اللجنة. وينعقد المكتب بصفة دورية منتظمة، وكلما ارتأى ذلك رئيس اللجنة.
3. إعداد إستراتيجية عمل متكاملة:
إعداد وثيقة تضع تصورا متكاملا لإستراتيجية شاملة يتم عرضها على نظر الدول الأعضاء في لجنة القدس في مرحلة أولى لاستجلاء آرائها ومقترحاتها في أفق عرضها للاعتماد على اجتماع مجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي ثم القمة.
تتضمن هذه الإستراتيجية المقاربة والمنهجية والأهداف الكبرى ضمن خطة بعيدة المدى وواضحة المعالم تنبني على التنسيق مع منظمات دولية وإقليمية كجامعة الدول العربية ودول عدم الانحياز ودول أمريكا اللاتينية والمنظمات الدولية المتخصصة كاليونسكو والإسيسكو، وغيرها من الهيئات والمؤسسات الدولية ذات الصلة بمجال اشتغال اللجنة أو التي تدعم القضية الفلسطينية.
وتتفرع عن هذه الخطة برامج عمل سنوية تهم كافة المجالات التي تدخل ضمن نطاق الحفاظ على الهوية العربية والإسلامية للقدس الشريف وصيانة مقدسات الديانات السماوية والعناية بأوقافها والدفاع عن حرمتها، وتدعم صمود المقدسيين بكافة الوسائل المادية والمعنوية التي تسمح بها القوانين الدولية في هذا الباب.
وتشتمل الخطة كذلك على برامج مناهضة تهويد القدس الشريف من خلال رصد الإمكانات القانونية والمالية على المستوى المحلي والدولي، ومساندة المقدسيين ضد سياسات الاحتلال الرامية إلى اجتثاثهم ومصادرة ممتلكاتهم، والسطو على مآثرهم التاريخية، ونزع ملكية أراضيهم، ودفعهم إلى الهجرة من القدس الشريف.
4. إحداث شعار وهوية بصرية للجنة:
بعد موافقة رئيس لجنة القدس، يمكن لرئيس « المكتب التنسيقي » إصدار بيانات أو وثائق باسم اللجنة وفقاً لميثاق وهوية بصرية تساعد في عملية التواصل وتسجل حضور اللجنة إعلامياً (création d’une identité et charte visuelle).
ومما يجدر التذكير به أن التعديلات السالف ذكرها في النقط الثلاثة الأولى تستدعي موافقة مجلس وزراء الخارجية أو القمة الإسلامية.
5. تطوير آليات عمل « بيت مال القدس الشريف »:
إن تطوير لجنة القدس يجب أن يواكبه تطوير في آليات عمل ذراعها التنفيذية « بيت مال القدس الشريف » وذلك:
بالحرص على الانعقاد المنتظم لمجلس الوصاية ومجلس الإدارة لضمان السير العادي للوكالة .
دراسة إمكانية إحداث مكاتب تابعة للوكالة في عواصم بعض الدول الإسلامية والعالمية الوازنة، ترأسها شخصيات إسلامية مرموقة (رؤساء دول أو رؤساء حكومات سابقين، أو رجال أعمال، أو علماء، على أن يكون عمل تلك الشخصيات تطوعيا كي لا تترتب عن فتح مثل هذه المكاتب أي تبعات مالية.
والعمل على تطوير آليات التشاور مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى حول القدس الشريف لاستغلال كافة الإمكانيات التي تتيحها للدفاع عن المدينة المقدسة وحماية حقوق المقدسيين.
تطوير الاعتمادات المالية لبيت مال القدس من خلال إرساء آلية للتنسيق مع الصناديق العربية ومع جامعة الدول العربية وأجهزتها المالية، وكذا مع البنك الإسلامي للتنمية، لتطوير العمل الميداني لوكالة بيت مال القدس والانفتاح على الفاعلين الاقتصاديين في المغرب وفي باقي الدول الإسلامية والمنظمات الخيرية عبر العالم.
على المستوى الحقوقي: تشكيل فريق متخصص من القانونيين الدوليين، بالدول العربية والإسلامية وغيرها، لوضع إستراتيجية قانونية للدفاع عن القدس الشريف في المحافل الدولية، ومتابعة الدولة المحتلة أمام الهيئات الدولية على جرائم التهويد وتغيير المعالم الحضارية والسطو على الممتلكات والاعتداء على الأوقاف الدينية الإسلامية منها والمسيحية، وكافة أشكال الانتهاكات ضد المقدسيين.
على المستوى الإعلامي: وضع خطة إعلامية متكاملة قابلة للتنفيذ وذات مستويات مختلفة، وذلك عبر الاستغلال الأمثل لوسائل الاتصال الحديثة، وإعداد برامج حول القدس تتناول جميع أوجه القضية ذات الصلة: حقوقية وديمغرافية وتاريخية ودينية وإنسانية وغيرها. وتنظيم تظاهرات ثقافية كالمعارض المتجولة في العواصم العالمية الكبرى للتعريف بالقدس الشريف وهويته الأصيلة وانتمائه التاريخي وفضح مخططات التهويد وتغيير معالمه التي تتنافى والقوانين الدولية.
ويُذكر في هذا الإطار، أنه صدر قرار بإنشاء قناة فضائية لمنظمة التعاون الإسلامي في اجتماع وزراء الإعلام المنعقد في الغابون سنة 2012، وأقره اجتماع وزراء الخارجية في جيبوتي. كما دعت قمتا مكة الاستثنائية الرابعة، والعادية في القاهرة إلى تطبيق تلك القرارات، ويمكن أن يشكل هذا المنبر واجهة إعلامية للدفاع عن القدس الشريف وهويتها الأصيلة وصمود أهلها، أو إحداث قناة يكون مقرها المغرب.
على مستوى التوثيق: إحداث مركز بالمغرب تابع للجنة يعنى بقضايا التوثيق الحضاري والثقافي والقانوني لكل ما له صلة بهوية القدس وصمود أهلها من جهة، ولكل ما له علاقة بالجرائم المرتكبة من طرف الاحتلال لطمس هويتها وتغيير معالمها العمرانية والبشرية، المادية والمعنوية. وذلك بكل وسائل وتقنيات التوثيق الحديثة. كما يحدث مركز افتراضي على الشبكة لنفس الأهداف، وبمختلف اللغات الحية.
على المستوى المعرفي: إحداث جائزة سنوية، تمنحها لجنة القدس لأهم المؤلفات التي تم إصدارها، وللأفلام الوثائقية والأعمال الفنية المختلفة التي تم إنجازها حول القدس وإرثه التاريخي، وتشجيع البحث العلمي والأكاديمي في الجامعات والمعاهد العربية والإسلامية والدولية في موضوع القدس الشريف والقضية الفلسطينية و كل الجوانب الهامة المتعلقة بها.
بالإضافة إلى دعم تلاميذ وطلبة القدس الشريف من خلال تقديم المنح للطلبة ودعم المقررات الدراسية وطباعتها وتوزيعها ومواصلة ترميم المؤسسات التعليمية وتحديثها وتجهيزها.
إبرام وكالة بيت مال القدس الشريف لاتفاقيات أو مذكرات تفاهم بشأن التعاون مع منظمات دولية وإقليمية بهدف دعم عمل لجنة القدس والوكالة، كاليونسكو في مجال الحفاظ على التراث الإنساني للقدس واليونيسيف في مجال حماية الأطفال المقدسيين.
ولجلالتكم واسع النظر
الله يبارك في عمر سيدي
الرباط في: 19 رجب 1434 /29 ماي 2013
سعد الدين العثماني
وزير الشؤون الخارجية والتعاون