يُعالج الروائي المصري، يوسف زيدان، في روايته « عزازيل »، قضية تقديس الأماكن أو الكائنات أو الأشياء. وهي ظاهرة تتكرر في كل الأزمة ولدى جميع شعوب المعمورة. ويضرب الكاتب بنهر النيل مثلاً، لكن الأمر قابل للقياس على معظم الأشياء الموجودة حولنا.
يقول القاص، يوسف زيدان، على لسان الأسقف هيبا: « سوف أروي بين الثنايا، حكايا عايشتها منذ خروجي من بلادي الأولى الواقعة بأطراف بلدة أسوان جنوب مصر، حيث يجرى نهر النيل الذي كان أهل قريتي يعتقدون أنه ينبع من بين أصابع الآلهة، ويهبط ماؤه من السماء. وكنت في صغري أعتقد ذلك الوهم مثلهم، حتى تعلمت ما تعلمته في نجع حمادي وأخميم، ثم في الإسكندرية.. فأدركت أنه نهر كبقية الأنهار، وأن بقية الأشياء مثل بقية الأشياء، لا يمتاز منها إلا ما نميزه نحن بما نكسوه به من وهم وظن واعتقاد ».
ولا يتعلق التقديس بالجانب الديني فقط، بل يتعداه إلى مجالات الحياة الأخرى، كأن نعتبر مثلاً أشجار الطلح (السنط) بأنها الأفضل في العالم وأنها الأكثر قيمة دوائية وذات فوائد علاجية لا توجد في مثيلاتها، أو أن نعتقد أن مثل تلك الشجرة فريدة من نوعها في العالم ولا توجد في منطقة أخرى من العالم، بينما في الواقع هي متواجدة بكثرة في كل بلدان إفريقيا تقريباً فضلاً عن الحِجاز والعراق واستراليا وغيرها من بقاع الأرض. ذات القدسية المتوهمة قد نجد من يُضفيها على عشيرته أو قبيلته أو شعبه متوهماً أنه هو الأكرم أو الأفضل أو الاشجع أو غيرها من الأوصاف وهذا مرض نفسي يستوجب العلاج.