تسريبات المغرب: خطة عمل إدارة الشؤون الإفريقية

من منطلق الحفاظ على مكاسبنا المتعلقة بالقضية الوطنية في ظل انسحاب اعتراف العديد من الدول الإفريقية، بذلت إدارة الشؤون الإفريقية قصارى جهدها لتوعية هذه الدول بشأن المبادرة المغربية للتفاوض على وضعية الحكم الذاتي لمنطقة الصحراء، مع السعي لإيجاد حلول مناسبة تتيح لبعض دول القارة مراجعة موقفها بشأن القضية لصالح بلدنا.

وبناءً على تطور المواقف التي تتبناها هذه الدول، دأبت هذه الإدارة دائماً على إدراج عملها في إطار تعزيز علاقات التعاون المغربي الإفريقي وفقاً لنهج تضامني، يستند إلى جودة روابط التفاهم والاحترام المتبادل.

وفي إطار هذا النهج، تعمل هذه الإدارة على تشجيع أي مبادرة تهدف إلى تحسين المكاسب الدبلوماسية سواء على مستوى الدول الإفريقية الصديقة، من خلال ضمان تحقيق ومرافقة أنشطة التعاون التي تستهدف القطاعات ذات الأولوية، أو على مستوى الدول المعادية، عبر تنظيم بعثات لمسؤولين مغاربة رفيعي المستوى تهدف إلى توعية السلطات السياسية والاقتصادية في تلك الدول.

لضمان النجاح الكامل لهذه الأنشطة، تشارك هذه الإدارة بنشاط في الجهود المبذولة من قبل هذا القطاع الهادف إلى خلق وتجهيز الظروف الملائمة لصالح المؤسسات العامة والخاصة المغربية في إطار تواجدها في الأسواق الإفريقية.

تتطلب نجاح هذه المبادرات أيضاً اعتماد استراتيجية جديدة بالتشاور والتنسيق مع الجهات المعنية (DGED وAMCI)، مع أخذ المخاطر والفرص السياسية والاقتصادية الخاصة بكل بلد ومنطقة في قارتنا بعين الاعتبار.

في الواقع، بعد اختفاء النظام الليبي السابق بقيادة معمر القذافي، يبدو أن خصوم قضيتنا الوطنية أصبحوا أكثر ضعفاً في غياب الدعم العسكري والمالي. ومع ذلك، فإن المقاومة المستمرة من بعض الدول الإفريقية، نتيجة النشاط الجزائري في القارة، تستدعي الوعي بضرورة مشاركة فعالة وديناميكية من جانب بلدنا على مستوى المناطق الإفريقية التي تتسم عموماً بالولاء، مثل: منطقة الساحل، منطقة غرب إفريقيا، ومنطقة وسط إفريقيا.

إن اختفاء نظام القذافي كحليف حاسم في السياسة الخارجية الجزائرية، يدفع الجزائر مؤخراً إلى توسيع تأثيرها المزعزع للاستقرار في المناطق المذكورة التي تستعيد السلام والنمو.

الإجراءات التي يجب النظر فيها على الصعيد السياسي:

يمتلك بلدنا رصيدًا غير مسبوق من التعاطف لدى دول منطقة خليج غينيا، مما يتطلب مساهمة مغربية كبيرة وتورطًا فعالاً مع الدول الشقيقة والصديقة في المنطقة على الصعيدين الثنائي والمتعدد الأطراف، من خلال مبادرة المحيط الأطلسي الجنوبي.

لا شك أن غيابنا عن الاتحاد الإفريقي (UA) أصبح محسوسًا بشكل متزايد في العديد من المجالات المتعلقة بشراكة إفريقيا مع بقية العالم. ومع ذلك، يجب تفضيل عملنا على مستوى المنظمات والتجمعات الإقليمية الإفريقية كبديل حقيقي، من خلال تحفيز القيام بزيارات إلى بلدنا من قبل الأمناء العامين للمنظمات الإقليمية الإفريقية، وذلك لزيادة توعيتهم بقضيتنا.

لقد تعززت وجودنا في دول شرق إفريقيا في السنوات الأخيرة، وأصبح العديد من البلدان أكثر حساسية لعدالة قضيتنا، بفضل المهام رفيعة المستوى التي بادرت بها إدارة الشؤون الإفريقية. ويستلزم تحقيق نتائج لهذه الجهود تكثيف أعمال التعاون في المجالات المستهدفة مثل الأمن والبنية التحتية والزراعة، وذلك في إطار نهج شامل يأخذ بعين الاعتبار الأهداف الجيوستراتيجية للقوى الأجنبية في المنطقة.

تظل منطقة إفريقيا الجنوبية مهيمنة تحت تأثير الهيمنة من جنوب إفريقيا كقوة سياسية واقتصادية إقليمية. وبالتالي، غالبًا ما تواجه وجود وأعمال المغرب على الصعيدين الثنائي والمتعدد الأطراف في المنطقة معارضة صريحة من هذا البلد تجاه قضيتنا الوطنية. وبالتالي، يجب أن تأخذ مراجعة استراتيجيتنا في المنطقة بعين الاعتبار القضايا السياسية الداخلية في البلدان المعنية، وخاصة جنوب إفريقيا، التي أعلن رئيسها زوما أن « السياسة الخارجية لبلاده هي نفس السياسة التي يتبناها حزب المؤتمر الوطني الإفريقي (ANC). » لذلك، فإن توعية الأحزاب السياسية الأخرى التي تشاركها نفس التوجهات أمر أساسي. بالإضافة إلى ذلك، وبالنظر إلى المحاولات والإجراءات السابقة التي باءت بالفشل بسبب نقص التنسيق اللازم، فإن الحاجة إلى ضمان إشراف مناسب من قبل هذا القطاع على أعضاء البعثات المغربية المتجهة إلى هذه البلدان تبدو ضرورية.

علاوة على ذلك، تعتبر هذه الإدارة أن الجانب السياسي للعلاقات المغربية الإفريقية يجب أن يتم تعزيزه بشكل أكبر من خلال زيادة الأنشطة المتعلقة بالجوانب الثقافية، وخاصة الدينية. لقد ساهمت الأنشطة المختلفة التي تم تنفيذها حتى الآن في تعزيز الروابط الثقافية التاريخية والدينية للمملكة مع جذورها الإفريقية في عدد من البلدان الشقيقة والصديقة مثل السنغال. ومع ذلك، يتطلب المتابعة الدقيقة والتنسيق التام لوجهات نظر الجهات المعنية بهذا الملف عقد اجتماعات منتظمة تحت إشراف هذا القطاع.

الإجراءات التي يجب اتخاذها على الصعيد الاقتصادي:

في السنوات الأخيرة، واصل المغرب جهوده لتعزيز علاقاته مع الدول الإفريقية. وقد تم تعزيز التعاون المغربي الإفريقي في المجالات الاقتصادية والتقنية والعلمية، خاصة من خلال تنفيذ مشاريع في قطاعات الإسكان والصيد والبنية التحتية والنقل الجوي.

وبناءً على ذلك، نجح المغرب في أن يضع نفسه كدولة رائدة ومؤثرة على مستوى القارة.

الانخراط الفعّال للقطاع الخاص كان حاسمًا في هذا الصدد. الدور المهم للتنسيق الذي تقوم به هذه الإدارة يشكل، في هذا الإطار، عاملاً حاسمًا أحيانًا لنجاح الأعمال المنفذة، أو حتى في مجال الاستفادة من الفرص التجارية التي تظهر من خلال توفير المعلومات بانتظام ودعم المستثمرين والشركات والمؤسسات العامة في استراتيجيتها للتوسع في الأسواق الإفريقية الواعدة.

فتح خطوط الطيران إلى غرب ووسط إفريقيا من قبل الخطوط الملكية المغربية، وإنشاء فروع مصرفية لبنك « التجاري وفا بنك » و »بنك المغرب الخارجي » والاستثمارات التي قامت بها « اتصالات المغرب »، و »ONEP » و »SOMAGEC »، كانت عوامل مشجعة في هذا الصدد. كذلك، تدخل « المجموعة الشاملة لشمال إفريقيا » (ONA) في إفريقيا في قطاعات الأغذية والمشروبات، والتوزيع، وقطاع التعدين (MANAGEM)، بالإضافة إلى مجموعات مثل « CEMA-Bois de l’Atlas » و »Jet Sakane »، هي أمثلة على نجاح تدخل الشركات الخاصة المغربية في قطاعات حيوية.

في ضوء ما سبق، تعتبر هذه الإدارة أن دور الدبلوماسية الاقتصادية في إفريقيا ينبغي تعزيزه بشكل أكبر لالتقاط الفرص بشكل أفضل والاستفادة من الإمكانيات الكبيرة التي يوفرها السوق الإفريقي. يجب أن يركز هذا الجانب من الدبلوماسية، الذي يتطلب انخراطًا فعالاً وإطارًا مثاليًا للتنسيق بين جميع الأطراف المعنية، على الجوانب التالية:

  1. تكييف الاتفاقيات التجارية والاستثمارية للمغرب مع الدول الإفريقية مع استراتيجيات الشركات والمؤسسات المالية المغربية الموجودة في إفريقيا. في إطار أنشطتها، تواصل هذه الإدارة العمل على تطوير سياسة التقارب مع « اتحاد المغرب الغربي الاقتصادي والنقدي » (UEMOA) و »المجموعة الاقتصادية والنقدية لدول وسط إفريقيا » (CEMAC). تم توقيع اتفاق التجارة والاستثمار مع « UEMOA » في نهاية عام 2008 بعد 8 سنوات من المفاوضات ومن المتوقع توقيعه قريبًا. فيما يتعلق بـ « CEMAC »، تم تقديم مشروع اتفاقية للتبادل الحر من قبل الجانب المغربي.
  2. الترويج الاقتصادي والتجاري لبلدنا من خلال دعم الفعاليات التي ينظمها المركز المغربي لترويج الصادرات (CMPE) « المغرب تصدير ». فقد نظمت آخر قافلة تصدير من قبل هذا الأخير في الفترة من 11 إلى 17 ديسمبر 2011 وشملت أربعة دول إفريقية وهي: السنغال، كوت ديفوار، الكونغو وغينيا. في هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن هذه الإدارة تبذل جهدًا كبيرًا لدعم هذه الأنشطة الترويجية. في هذا الإطار، تخطط الإدارة اعتبارًا من عام 2012 إلى إشراك « CMPE » والقطاع الخاص بالكامل في الترويج الاقتصادي على مستوى دول منطقة شرق إفريقيا التي توفر أيضًا فرصًا اقتصادية وتجارية كبيرة يجب استغلالها.
  3. الحفاظ على المكاسب السياسية، وهو أمر أساسي بالنسبة للقطاع الخاص المغربي مع تصاعد المنافسة من قبل دول « BRICS » في السوق الإفريقية. تسعى الإدارة في هذا الإطار إلى تطوير الاستثمارات المغربية في إفريقيا من خلال نهج يتيح للشركات الوطنية الوصول المباشر إلى الموارد الطبيعية بأسعار تنافسية (على غرار « CEMA-Bois de l’Atlas »). وهذا سيمكنها أيضًا من تقليل تكلفة الإنتاج واكتساب حصص جديدة في السوق.
  4. تحفيز تطوير واستثمار في استراتيجيات وطنية شاملة للسياسة الإفريقية تأخذ في الاعتبار الفرص الاقتصادية والقيود السياسية. من الضروري ملاحظة أن الاستثمارات المغربية في إفريقيا تتركز في قطاع الخدمات، الذي يمثل أيضًا جزءًا هامًا من الطلب العالمي. لذلك، تعتبر هذه الإدارة من الضروري تنويع الاستثمارات المغربية على الصعيد القطاعي وتوسيعها في المناطق المختلفة لتعزيز موقع المغرب في القارة.

في الختام، وبناءً على التوجيهات والرؤى الواردة في خطة العمل هذه، تعتبر الإدارة أن التزام سفاراتنا المعتمدة في إفريقيا بتنفيذها أمر ذو أهمية متزايدة في السياق السياسي والاقتصادي العالمي الحالي. لذلك، يُوصى بشدة بتغطية واسعة للأحداث ذات العلاقة المباشرة أو غير المباشرة بالمصالح الوطنية على مستوى دول اعتمادها.

Soyez le premier à commenter

Laisser un commentaire

Votre adresse de messagerie ne sera pas publiée.


*