تسريبات المغرب: تطور موقف روسيا من قضية الصحراء الغربية

يمكن تحليل موقف روسيا بشأن النزاع الإقليمي حول مسألة الصحراء المغربية في ضوء المراحل الزمنية الثلاثة التالية: من 1975 إلى 2000؛ من 2000 إلى 2006، ومن 2007 إلى 2014.

من 1975 إلى 1998: دعم أيديولوجي لتقرير المصير:

كان موقف الاتحاد السوفيتي السابق أكثر تأييدًا لأطروحات الجزائر وجبهة البوليساريو، نظرًا لأن النهج السوفيتي في تلك الفترة بشأن قضية الصحراء كان مدفوعًا باعتبارات جيوستراتيجية فرضتها منطق الحرب الباردة.

كان دعم الاتحاد السوفيتي السابق لأطروحة تقرير المصير في حالة الصحراء، سواء في الجمعية العامة أو في مجلس الأمن، نتيجة لدوره كزعيم لحركة تحرير الشعوب المضطهدة تحت الاستعمار.

ومع ذلك، حافظ الاتحاد السوفيتي السابق على مسافة معقولة من النزاع الإقليمي حول الصحراء، متجنبًا الانخراط بشكل مفرط على حساب علاقاته مع المغرب.

من 1998 إلى 2006: دعم جهود الأمم المتحدة للوصول إلى حل سياسي متبادل ومقبول:

بعد تفكك الاتحاد السوفيتي السابق، اضطرت روسيا الجديدة إلى تراجع جيوستراتيجي على الساحة الدولية بسبب التكاليف الضخمة (السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمالية والعسكرية،…) لتفككها وتفتيتها.

شهدت موسكو في هذا السياق انخفاضًا في نفوذها داخل الأمم المتحدة، وخاصة في مجلس الأمن، بينما كانت تبقى يقظة لمصالحها العليا.

في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وخلال الفترة المذكورة، تم تبني القرار بشأن قضية الصحراء دون تصويت، باستثناء عامي 2004 و2006، حيث تم التصويت عليه. في هاتين المناسبتين، صوتت روسيا لصالح القرارين، بينما دعا المغرب الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى الامتناع عن التصويت على المشروع المذكور.

على مستوى مجلس الأمن، تم التصويت على جميع القرارات المقدمة لهذا الجهاز بالإجماع، باستثناء القرارات 1282 (1999) و1301 (2000)، التي تم اعتمادها على التوالي بـ 14 صوتًا لصالح (بما في ذلك روسيا)، و1 ضد و0 امتنع، و12 صوتًا لصالح (بما في ذلك روسيا)، و1 ضد وامتناعين. وقد أقرت هاتان القراران بعدم قابلية تنفيذ خطة التسوية بسبب الخلافات الجوهرية بين وجهات نظر الأطراف.

كان التصويت الإيجابي لروسيا على جميع القرارات المعتمدة خلال هذه الفترة دليلًا على دعمها للجهود التي بذلتها الأمم المتحدة في البحث عن حل سياسي نهائي ومقبول للطرفين للنزاع الإقليمي حول الصحراء.

من 2007 إلى 2014: حياد إيجابي ودعم لعملية المفاوضات السياسية:

يمكن وصف موقف روسيا خلال هذه الفترة بالحياد الإيجابي عند النظر في مسألة الصحراء من قبل مجلس الأمن.

على سبيل المثال، خلال التصويت على القرار 1813 من مجلس الأمن، لعبت روسيا دورًا حاسمًا في الحفاظ على معايير تدخل الأمم المتحدة من خلال المينورسو في النزاع الإقليمي حول الصحراء، من خلال معارضتها لإدراج أي إشارة إلى مسألة حقوق الإنسان في القرار، لدرجة أنها تعرضت لانتقادات حادة من ممثل كوستاريكا.

في الواقع، صرح ممثل كوستاريكا في 30 أبريل 2008 قائلاً:

« اليوم، ولدهشتنا الكبيرة، هدد ممثل الاتحاد الروسي باستخدام حق النقض ضد أي ذكر لحقوق الإنسان، في حين تتبادل الأطراف الاتهامات المتبادلة بشأن مسألة حقوق الإنسان، في حين أن هذه المسألة قد أثيرت من قبل عدة وفود خلال المشاورات وذُكرت مرات عديدة في تقارير الأمين العام. »

عند التصويت على القرار 1871 (2009) من مجلس الأمن، أشار الممثل الروسي في المجلس إلى أن « موقف روسيا بشأن مسألة الصحراء الغربية لا يزال كما هو. نحن نؤيد البحث عن حل عادل ومستدام ومقبول للطرفين لهذه المسألة، استنادًا إلى قرارات مجلس الأمن ووفقًا لمبدأ أن الأطراف يجب أن توافق على أي آلية مقترحة لحل هذه المسألة. »

تجلى موقف روسيا المتوازن والبناء بشكل خاص خلال التصويت على القرار 1920 من مجلس الأمن، في الوقت الذي كان فيه معارضو السلامة الإقليمية للمغرب يدفعون بقوة لتوسيع نطاق مهمة المينورسو لتشمل مكون « حقوق الإنسان ».

في هذا السياق، أبرز الممثل الروسي ما يلي: « شاركت الاتحاد الروسي في صياغة هذا القرار، ومن ثم أدركت الحاجة إلى وضع قرار من مجلس الأمن يضمن تحقيق تقدم في عملية المفاوضات وقد يكون مفيدًا للمبعوث الشخصي للأمين العام، السيد كريستوفر روس، الذي ندعم جهوده. »

أوضح أن « القرار الذي اتخذه مجلس الأمن يلبي هذه الحاجة. تحترم القرار توازنًا جيدًا بين مصالح الطرفين وستتيح لهما الحفاظ على التقدم، ونأمل في تعزيز هذا التقدم من أجل إيجاد حل عادل ومستدام ومفيد للطرفين لمشكلة الصحراء الغربية. نحن مقتنعون بأن هذا القرار يلبي معايير النزاهة والموضوعية، وفي أقصى حد ممكن، يأخذ بعين الاعتبار وجهات نظر الأطراف. نعتقد أن القرار الذي تم تبنيه اليوم سيساعد، بدعم من الأمم المتحدة، في تحقيق تقدم أسهل في عملية تسوية الوضع المتعلق بالصحراء الغربية. »

التقديرات العامة:

لم تعترف روسيا أبدًا بـ « الجمهورية الصحراوية الوهمية »، على الرغم من الضغوط الكبيرة التي مارستها الجزائر خلال فترة الحرب الباردة، على الرغم من دعمها للقرارات الجزائرية السابقة التي تدعو إلى ممارسة حق تقرير المصير في النزاع الإقليمي حول الصحراء.

تترجم هذه الموقف الثابت والمستحسن من روسيا المسؤولية والتوازن والرؤية المتبصرة لموسكو وضرورة الحفاظ على سياسة الحياد الإيجابي، التي تهدف إلى تعزيز علاقاتها التعاونية والصداقة مع المغرب.

تعارض موسكو من حيث المبدأ الحلول المفروضة أو التي لا تحظى بقبول جميع الأطراف المعنية. وهي تركز، في هذا الصدد، على عنصر الحل المستدام والمقبول للطرفين، الذي ينشأ عن عملية مفاوضات، في إطار الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة.

على الرغم من توتر العلاقات الروسية بشأن الإجراءات المغربية في القضية السورية، لا سيما بعد تقديم بلدنا مشروع قرار حول هذه القضية في فبراير 2012، والذي تم رفضه باستخدام الفيتو الروسي-الصيني، حافظت موسكو على موقفها غير الانتقامي الذي يتعارض مع مصالحنا بشأن مسألة الصحراء، عند مناقشة هذه النقطة من قبل المجلس في 2012 و2013 و2014.

أظهرت روسيا تقبلاً لوجهات نظر المغرب، خاصة فيما يتعلق بحقوق الإنسان في الصحراء، ولعبت دورًا رئيسيًا في تثبيط أي إشارة إلى هذا الموضوع في القرارات 1813 و1871 و1920 و1979 و2044 و2152 لمجلس الأمن.

اقتراحات العمل:

  • تعزيز وتنوع مجالات التعاون والتنسيق مع موسكو.
  • رفع الشراكة الاستراتيجية التي تم إنشاؤها في عام 2002 إلى مستوى هيكل الحوار الاستراتيجي، بهدف تعزيز ديناميكية العلاقات الواعدة بين موسكو والرباط، بما في ذلك وضع آلية للتشاور حول القضايا متعددة الأطراف.
  • استكشاف إمكانيات تعزيز التعاون المتعدد الأطراف بين الرباط وموسكو ضمن المنظمات الدولية، حول قضايا جامعة وغير مثيرة للجدل.

Soyez le premier à commenter

Laisser un commentaire

Votre adresse de messagerie ne sera pas publiée.


*