المغرب إسبانيا التهديد السيبراني الهكر القرصنة
لقد أصبح الأمن السيبراني عنصرا أساسيا من عناصر الأمن الوطني، بل إن هناك قلقا متزايدا بشأن التهديدات السيبرانية الصادرة من المغرب.
سيرجيو ديلجادو مارتوريل
صحفي متخصص في التكنولوجيا والأمن السيبراني والابتكار
لفهم ما إذا كان المغرب يشكل تهديدًا حقيقيًا للأمن السيبراني في إسبانيا، فمن الضروري تحليل العديد من العوامل الرئيسية، بما في ذلك الحوادث التاريخية، فقد كانت قدرات المغرب السيبرانية معقدة تاريخيًا، وتتميز بفترات من التعاون والتوتر. وفي عالم الإنترنت، كانت هناك اتهامات وشكوك حول التجسس والهجمات السيبرانية بين البلدين.
ومن بين الحوادث الأكثر بروزًا الاستخدام المزعوم لبرنامج التجسس « بيغاسوس » الذي طورته شركة « إن إس أو جروب » الإسرائيلية. وفي عام 2021، تم الكشف عن أن برنامج « بيغاسوس » استُخدم للتجسس على سياسيين وصحفيين وناشطين في عدة دول، بما في ذلك إسبانيا.
وقد ثارت شكوك حول احتمال استخدام المغرب لهذا البرنامج للتجسس على شخصيات بارزة في إسبانيا، بما في ذلك رئيس الوزراء بيدرو سانشيز. ورغم أن المغرب نفى أي تورط له في الأمر، إلا أن الحادث أدى إلى زيادة عدم الثقة والقلق بشأن الأنشطة السيبرانية المغربية.
وفي عام 2019 أيضا، أبلغت عدة مؤسسات حكومية وشركات إسبانية عن هجمات إلكترونية بدت منسقة ومنفذة بشكل جيد. ورغم أنه لا يمكن نسبها مباشرة إلى المغرب، فإن خصائص الهجمات والسياق السياسي في ذلك الوقت، المتعلق بالنزاعات حول الصحراء الغربية والتوترات في سبتة ومليلية، تشير إلى احتمال أن تكون من أصل مغربي.
في عام 2014، تعرضت إسبانيا لعدة تسريبات لمعلومات حساسة تتعلق بسياساتها المتعلقة بالهجرة والأمن في شمال أفريقيا. وأشارت التحقيقات اللاحقة إلى أن قراصنة ربما يكونون على صلة بالمغرب ربما كانوا وراء هذه التسريبات. وتشير طبيعة المعلومات المخترقة إلى اهتمام بالتحركات والاستراتيجيات الإسبانية في المنطقة.
في عام 2011، تم اكتشاف محاولات للتسلل إلى الشبكات الاجتماعية ورسائل البريد الإلكتروني للنشطاء والصحافيين الإسبان الذين يغطون قضايا حساسة في المغرب، مثل صراع الصحراء الغربية. وقد نسبت محاولات التجسس الإلكتروني هذه إلى جهات يُعتقد أنها تعمل من المغرب، سعياً للحصول على معلومات وربما ترهيب أولئك الذين يغطون هذه القضايا.
وفي الفترة ما بين عامي 2007 و2010، شهدت إسبانيا عدة حوادث من التصيد الاحتيالي وتوزيع البرامج الضارة التي بدا أنها تستهدف الكيانات الحكومية والشركات.
ورغم أن هذه الحوادث لم تُنسب إلى المغرب بشكل مباشر، فإن طبيعة الأهداف وأنماط الهجوم تشير إلى احتمال وجود حملة نظمتها جهات ذات مصالح متوافقة مع مصالح الحكومة المغربية.
القدرات السيبرانية للمغرب
إن تقييم القدرات السيبرانية للمغرب أمر بالغ الأهمية لتحديد ما إذا كان يشكل تهديدًا كبيرًا لإسبانيا. وقد أبدى المغرب اهتمامًا متزايدًا بتطوير قدراته السيبرانية في كل من القطاعين المدني والعسكري. واستثمرت البلاد في البنية التحتية التكنولوجية وعززت تعليم الأمن السيبراني.
ويشير إنشاء المديرية العامة لأمن أنظمة المعلومات وتشكيل فرق الاستجابة للحوادث السيبرانية إلى التركيز الجاد على الأمن السيبراني.
ومع ذلك، فإن حجم وتطور القدرات السيبرانية الهجومية المغربية ليست موثقة بشكل جيد مثل تلك الموجودة في بلدان أخرى لديها برامج تجسس سيبراني معروفة.
الدوافع والسياق الجيوسياسي الذي ينبغي مراعاته
إن الدوافع وراء أي تهديد إلكتروني محتمل من جانب المغرب لإسبانيا قد تكون متنوعة ومعقدة. فالتوترات السياسية والإقليمية، مثل الصراع على الصحراء الغربية والنزاعات حول مدينتي سبتة ومليلية المتمتعتين بالحكم الذاتي، قد تؤثر على الأعمال الإلكترونية.
وربما يكون للمغرب مصلحة في الحصول على معلومات حساسة عن سياسات إسبانيا واستراتيجياتها فيما يتصل بالصحراء الغربية، وهي المنطقة المتنازع عليها والتي تزعم المغرب أنها جزء من أراضيها. وعلاوة على ذلك، فإن التوترات المتكررة بشأن سبتة ومليلية، الجيبين الإسبانيين في شمال أفريقيا، قد تولد بيئة مواتية للتجسس الإلكتروني.
ومع ذلك، فإن إسبانيا، باعتبارها قوة أكبر من المغرب وعضوًا في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، ليست متفرجة سلبية في مجال الأمن السيبراني. فقد طورت البلاد بنية تحتية قوية للحماية من التهديدات السيبرانية، بما في ذلك إنشاء المعهد الوطني للأمن السيبراني (INCIBE) ومكتب تنسيق الأمن السيبراني (OCC).
علاوة على ذلك، تتعاون إسبانيا بشكل وثيق مع الشركاء الأوروبيين والدوليين لتبادل المعلومات وأفضل الممارسات في مجال الأمن السيبراني.
كما نفذت الشركات الإسبانية، وخاصة في القطاعات الحيوية مثل الطاقة والاتصالات والخدمات المصرفية، تدابير أمنية سيبرانية متقدمة لحماية بنيتها التحتية. وقد زاد الوعي والاستعداد للتهديدات السيبرانية بشكل كبير في السنوات الأخيرة، مما أدى إلى تحسين قدرة البلاد على اكتشاف الهجمات المحتملة والاستجابة لها.
ولكن ما هو الخطر الحقيقي؟
إن تقييم ما إذا كان المغرب يشكل تهديداً حقيقياً للأمن السيبراني في إسبانيا يتطلب النظر في كل من القدرة والنوايا. ورغم أن المغرب طور قدرات سيبرانية معينة، فلا يوجد دليل قاطع على أنه يمتلك المهارة اللازمة لتنفيذ هجمات سيبرانية واسعة النطاق ضد إسبانيا. والواقع أن الشكوك في التجسس، على الرغم من كونها مثيرة للقلق، لا ترقى إلى مستوى التهديد الوشيك والمباشر للبنية الأساسية الحيوية في إسبانيا.
إن النية تشكل أيضاً عاملاً حاسماً. فعلى الرغم من وجود التوترات السياسية والإقليمية، فإن المغرب وإسبانيا تربطهما أيضاً علاقات تعاونية في مجالات مثل التجارة ومكافحة الإرهاب وإدارة الهجرة. ومن الممكن أن تعمل هذه العلاقات كرادع ضد المغرب الذي قد يتورط في هجمات إلكترونية من شأنها أن تلحق ضرراً بالغاً بالعلاقات الثنائية.
ورغم وجود أسباب تدعو إلى اليقظة، إلا أن الأدلة غير كافية لاستنتاج أن المغرب يشكل تهديدا حقيقيا وكبيرا للأمن السيبراني في إسبانيا في الوقت الحاضر.
إن القدرات السيبرانية للمغرب في تطور مستمر، ولكنها لا تعتبر من الدرجة الأولى مقارنة بالجهات الفاعلة الحكومية الأخرى التي لديها برامج سيبرانية متقدمة. وقد تكون الدوافع وراء الهجمات السيبرانية المحتملة قائمة بسبب التوترات السياسية، ولكن هناك أيضًا حوافز قوية للحفاظ على علاقة مستقرة وتعاونية.
يتعين على إسبانيا أن تواصل تعزيز بنيتها التحتية للأمن السيبراني وأن تظل يقظة ضد الأنشطة المشبوهة. وسيظل التعاون الدولي وتبادل المعلومات عنصرين أساسيين للحماية من جميع أشكال التهديدات السيبرانية، بما في ذلك تلك التي قد تنبع من المغرب.
المصدر : The diplomat in Spain
#المغرب #إسبانيا التهديد السيبراني الهكر القرصنة
Soyez le premier à commenter