المغرب: عندما أضاع عمر هلال المال المخصص لرشوة الأمم المتحدة

23 ديسمبر 2015: دبلوماسي في البعثة المغربية لدى الأمم المتحدة يغادر صالات كبار الشخصيات لشركة « إير فرانس »، برفقة مضيفة، ليستقل رحلة إلى نيويورك. بينما يسقط هاتفان محمولان من حقيبته التي بقيت مفتوحة، يكتشف أن 20,000 يورو قد اختفت. يعود الدبلوماسي على نفس الطريق، آملًا في استعادة أمواله، لكن دون جدوى. يبلغ عن فقدان المال ويستقل الطائرة، بينما تبدأ شرطة الحدود تحقيقها.

تم التوصل إلى الجواب بفضل كاميرات المراقبة التي صورت موظفًا يلتقط المال من الأرض في أحد ممرات المطار. بالطبع، تحدثت أجهزة الأمن إلى الصحافة حول الحادثة لتجنب قيام موظفين آخرين بارتكاب نفس الخطأ.

وقد لقيت القصة الكثير من التعليقات عبر الإنترنت. البعض أبدوا دهشتهم من أن دبلوماسيًا يمكن أن « يتجول » بمبلغ 20,000 يورو، بينما تُلزم القوانين الفرنسية بالإعلان عن أي مبلغ يزيد عن 10,000 يورو عند الدخول أو الخروج من البلاد.

آخرون، بسخرية، تساءلوا عما إذا كان « الدبلوماسيون المغاربة لا يملكون بطاقات ائتمان؟ » ليضطروا إلى حمل مبالغ كبيرة في حقائبهم. فيما أدلى آخر بملاحظة لافتة جدًا قائلاً: « باستثناء عالم الإجرام، لا أعرف سببًا لحمل 20,000 يورو نقدًا ». وهو لم يكن بعيدًا عن الحقيقة، إذ أن هذا المال كان في طريقه إلى يد سفير المغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، وهو دبلوماسي أثبت براعته في فن الرشوة، خاصة مع موظفي الأمم المتحدة.

عندما كان يمثل بلاده في سويسرا، قام عمر هلال بتجنيد شخصيات بارزة في المؤسسات الأوروبية. في المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، تمكن من استمالة مدير العمليات الميدانية، السويدي أندرس كومباس. هذه المعلومات أصبحت معروفة بفضل وثائق وزارة الخارجية المغربية التي كشف عنها الهاكر الفرنسي كريس كولمان.

يبدو أن كومباس، الذي كان هلال يسميه « صديقي » في ملاحظاته، كان على علاقة وثيقة جدًا بالسفير المغربي. كان يزوده بمعلومات سرية عن أنشطة الأمم المتحدة المتعلقة بقضية الصحراء الغربية، وتمكن من إحباط مشروع الأمم المتحدة لتوسيع صلاحيات بعثة « المينورسو » (بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية) لتشمل الإبلاغ عن انتهاكات حقوق الإنسان.

شخصية أخرى كبيرة عملت لصالح هلال كان الباكستاني أثار سلطان خان، مدير مكتب أنطونيو غوتيريش، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

العديد من الوثائق تكشف عن طريقة عمل ممثلنا الدائم لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، والتي تتلخص في كلمتين: التملق والفساد. فعلى سبيل المثال، عندما كان يستعد للقاء نافانيثيم بيلاي، المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، في 15 مايو 2013، كتب مذكرة يُظهر فيها أن جدول أعماله مزدحم للغاية:

«وفي الوقت نفسه، ومن أجل تحييد أي تأثير سلبي داخل المفوضية السامية لحقوق الإنسان، التقيت لمدة ساعة بالتونسي فريج فنيش… ولضمان إغلاق الأمر تمامًا، طلبت من صديقه المقرب أن يطلب منه المساهمة بشكل إيجابي في تقليل تأثير هذا اللقاء.»

ما تبقى من الوثيقة يسير في نفس الاتجاه، حيث يشيد بـ »الاحترام الذي تكنه السيدة بيلاي للمغرب بشكل عام وللرؤية الشجاعة لجلالة الملك بشكل خاص ».

بعد هذا السرد الممل، الذي يبدو وكأنه مستخرج من وكالة الأنباء المغربية (MAP)، يمكننا أن نفهم الفقر الفكري الذي تحاول دبلوماسيتنا تعويضه من خلال الولائم والدعوات والفساد.

لكن الأخطر هو ما يأتي لاحقًا، عندما يشير السفير بشكل واضح إلى مسار الفساد لتوريط السيدة بيلاي ماليًا، بسبب التخفيضات الكبيرة في ميزانية المفوضية السامية لحقوق الإنسان…»، قبل أن يؤكد أن الأمر قد تم بالفعل، في مذكرة مؤرخة في 1 فبراير 2014، من خلال «مساهمة سخية تطوعية سنوية بمليون دولار، إلخ…».

تبرع يبدو أنه يبرر التصريح المدهش للمفوضة السامية بعد زيارتها للمغرب في مايو الماضي، حيث أشادت بشكل محرج بـ »التقدم الكبير الذي أحرزه البلد نحو حماية أفضل لحقوق الإنسان… »، قبل أن تعود وتقر بأنه « لا يزال هناك الكثير مما يجب عمله، لا سيما فيما يتعلق بحرية التعبير. »

وتدين وثائق أخرى رجلنا الذي تمت ترقيته منذ ذلك الحين إلى منصب الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة في نيويورك، منذ 14 أبريل 2014، بعد أن أمضى ست سنوات في جنيف كممثل للبعثة المغربية لدى الأمم المتحدة هناك، وهي ترقية تعزى إلى طبيعته كفساد بارع لا يخاف من المبالغ الهائلة التي يضخها المغرب في قضايا خاسرة، كما في دعوته الحارة لبكر والي نداي، مدير شعبة هيئات المعاهدات في المفوضية السامية لحقوق الإنسان، ووصفه بـ »المريد المخلص للطريقة التيجانية » لدعوته إلى الحج إلى فاس، وهي سطور تكشف الكثير عن السياسة الإفريقية للمغرب.

كل مذكرة تؤكد ما كنا نعلمه بالفعل عن ممارسات الدولة المغربية المخزية، مثل شراء الضمائر، وتمويل الحملات الانتخابية في بلدان أخرى، والمحسوبية، والدعوات الفاخرة لمؤيدي الديكتاتورية.

عمر هلال، الذي لا يملك القوة ولا حتى الفكرة الأولى للخروج بالمغرب من مأزق الصحراء الغربية والملف الثقيل لانتهاكات حقوق الإنسان، لم يعد لديه سوى الفساد كاستراتيجية. وهو يدرك أن الفساد، بينما يقرب الفاعلين فيه، يجعلهم متواطئين وحاملي أسرار غير قابلة للإفشاء، مما يجعلهم غير قابلين للإزاحة، وهذا ما يفسر لماذا لا يزال الكثير من الفاسدين يدورون في فلك القصر، غير متحركين وصامتين أمام تجاوزات النظام.

#المغرب #الصحراء_الغربية #عمر_هلال #الأمم_المتحدة #الفساد #المفوضية_السامية_لحقوق_الإنسان #HCD

Soyez le premier à commenter

Laisser un commentaire

Votre adresse de messagerie ne sera pas publiée.


*