ندوة سفراء المغرب المعتمدين بالقارة الإفريقية . عرض السفير بلواندا سيداتي الغلاوي

ندوة سفراء صاحب الجلالة المعتمدين بالقارة الإفريقية

الرباط 10 غشت 2012

عرض سفير صاحب الجلالة بلواندا

السيد سيداتي الغلاوي

إفريقيا الجنوبية

حقـــائــق و آفـــــاق

  • إن مستوى نضج الدبلوماسية المغربية، والتطور الذي عرفته الأنشطة الاقتصادية للمملكة وامتداداتها الجغرافية،و بالأخص في القارة الإفريقية، يسمح اليوم، بالقيام بشكل عقلاني وطبيعي، بإرساء معالم سياسة خارجية ذات أهداف محددة خاصة بمنطقة إفريقيا الجنوبية.
  • هذه المنطقة، التي تقع جنوب الغابات الإستوائية الإفريقية، تعد من أغنى مناطق القارة، حيث تتوفر على موارد طبيعية مهمة جدا : مصادر الطاقة والمعادن، الأحجار الكريمة، التربة الخصبة، التنوع البيئي، الحيواني والنباتي و ثروة مائية كبيرة.
  • بالإضافة إلى توفرها على احتياطات مهمة من هذه الموارد الطبيعية، تتمتع هذه المنطقة كذلك باستقرار سياسي نسبي، إذ لا تعرف إلا بؤرتي توتر في كل من مدغشقر وزيمبابوي متحكم فيهما، كما أنها تخلو من أية صراعات حدودية مسلحة (مالاوي وتنزانيا).
  • وعلى هذا الأساس، سيكون من المهم بالنسبة لبلدنا إعطاء مزيد من الأهمية لهذه المنطقة، من خلال معرفة واقعها و آفاقها، معرفة تعزز تواجد المملكة على المستويين السياسي والاقتصادي.

الحــــــقائـــــــــق

  • أول معطى سياسي متعلق بهذه المنطقة، هو انتظامها في إطار شبه إقليمي من خلال التجمع من أجل التنمية و الإندماج لجنوب إفريقيا (SADC)، الذي يضم في عضويته خمسة عشر دولة من إفريقيا الجنوبية والمحيط الهندي، وهي: أنغولا، بوتسوانا، ليسوتو، مدغشقر (عضوية معلقة)، مالاوي، موريشيوس، موزمبيق، ناميبيا، سيشيل، جنوب افريقيا، سوازيلاند، تنزانيا، زامبيا، زيمبابوي، وجمهورية الكونغو الديمقراطية التي تقع شمال هذا المجال.
  • يبلغ عدد سكانها ما مجموعه حوالي 210 مليون نسمة مع تسجيل ناتج محلي إجمالي يقدر بـ 226 ملياردولار امريكى، ومعدل نمو اقتصادي يبلغ في المتوسط ما قدره 0.5 %.
  • يقع المقر الرئيسي لهده المنظمة ب Gaborone عاصمة بوتسوانا. و قد اقتبست هذه الهيأة من نمودج الإتحاد الأوروبي آلياتها التنظيمية ، حيث تتوفر على: قمة لرؤساء الدول الأعضاء -هيئة للدفاع والأمن- مجلس للوزراء وأمانة عامة.
  • كما استطاعت هذه الدول أن تضفي طابعا مؤسساتيا على التنسيق السياسي فيما بينها، رغما عن اختلافاتها اللغوية (11 ناطقة بالإنجليزية، 2 بالفرنسية و 2 بالبرتغالية) بالإضافة إلى التفاوت الاقتصادي وتباين أنظمتها سياسيا .
  • وسيعقد هذا المنتظم مؤتمر القمة 32 لرؤساء دوله، في Maputo (موزامبيق) أيام 17 و18 من الشهر الجاري. حيث سيتم نقل الرئاسة السنوية والدورية لهيئاته من جمهورية أنغولا إلى الموزامبيق.
  • وإذا كان من أهم أهداف هذه المنظمة خلق الإنسجام في السياسات التنموية و الاقتصادية في أفق الوصول إلى مرحلة من الاندماج الجهوي، إلا أن الغالبية العظمى من هذه الدول وجدت نفسها تحت تأثير القوة الاقتصادية لدولة جنوب إفريقيا وسياستها الخارجية.
  • ورغما عن هذا التأتير، فإن هذا التكتل لم يستطع تسجيل أي تقدم سواء على مستوى الاندماج أو على مستوى المشاريع التنموية المشتركة، وتحول بالمقابل إلى منظمة سياسية تتدخل وتلعب دور الوساطة في الأزمات القائمة بالمنطقة على غرار ما وقع في مدغشقر والحصار على زيمبابوي ومؤخرا في جمهورية الكونغو الديمقراطية. بل تتجاوز ذلك أحيانا إلى الإعلان عن بعض المواقف كمعاداتها لمصالح بلدنا ولقضيتنا الوطنية في أكثر من مرة.
  • وتجدر الإشارة بهذا الخصوص، إلى أنه إذا ما أخذنا بعين الاعتبار مواقف دول هذا التكتل بشكل فردي، فإنه وباستثناء جمهورية الكونغو الديمقراطية، التي لم تعترف قط « بالجمهورية الوهمية »، نجد تسع دول من أعضاء هذه المجموعة لا زالت تعترف بهذا الكيان، في حين سحبت خمس دول منها اعترافها (مدغشقر، مالاوي، سيشيل، سوازيلاند وزامبيا).
  • و للإجابة « دبلوماسيا » على هده الوضعية، نجد أن المملكة المغربية تتواجد فقط على مستوى بلدان أفريقيا الجنوبية والمحيط الهندي، بثلاث (03) سفارات في كل من (جنوب أفريقيا ،أنغولا ومدغشقر)، في حين أن الانفصاليين لديهم 04 في كل من (جنوب أفريقيا،أنغولا،موزمبيق وتنزانيا)
  • وإذا إستثنينا سفارتنا بمدغشقر، فإن كلا من بعثتينا ببريتوريا ولواندا، توجدان في وضعية تنقص من جهودهم للقيام بالدور الدبلوماسي المنوط بهم، و ذلك بسبب تواجدهما في دولتين تحرصان على أن تكون مواقفهم السياسية الخارجية منسجمة مع مواقف التجمع من أجل التنمية و الإندماج لجنوب إفريقيا (SADC) من جهة والاتحاد الأفريقي من جهة ثانية، مع حرصيهما على لعب دور مهم داخل هذه المنظمات، إضافة إلى إيواءهما لتمثيليات للانفصاليين.
  • وهناك صعوبات أخرى تظهر حينما يتعلق الأمر بتسيير العلاقات مع بلدان أخرى إنطلاقا من بلد الإقامة، كما هو الشأن بالنسبة لبعثتنا في أنغولا، الناطقة بالبرتغالية، في تغطيتها لدولتي ناميبيا وزامبيا الناطقتين باللغة الانكليزية. ويزيد من تعقيد مهمتها ضعف وسائل الاتصال والنقل المباشر في المنطقة، إضافة إلى ضعف مؤهلات الموظفين المحليين، وهي عوامل مشتركة على مستوى افريقيا بصفة عامة.
  • وعلى الرغم من هذه الإكراهات فإن بلدنا قد حقق بعض الإختراقات في علاقاته مع ناميبيا،حيث تجنبت هذه الأخيرة أزمة دبلوماسية عند تقديم السفير السابق لأوراق إعتماده، وزامبيا التي سحبت اعترافها بالجمهورية الوهمية كما ورد على لسان وزير خارجيتها السابق ، بتاريخ 02 أبريل 2011 بالرباط.
  • إلا أن هذه الإختراقات لم تصل إلى النتائج المرجوة . وتعييني كسفير لصاحب الجلالة يتعلق فقط بأنغولا، حيث أن زامبيا لم ترد على طلب اعتماد سفير لديها، في حين لم يقدم أي طلب إلى ناميبيا بهذا الخصوص.
  • أما فيما يخص علاقاتنا بأنغولا، فقد سجلت سفارتنا تقدما ملموسا على الرغم من تواجد بعثة للانفصاليين بها. ويمكننا أن نؤكد اليوم أنه لم يسجل منذ مدة أي موقف أو نشاط لهذا البلد ضد مصالح المملكة المغربية.
  • للإشارة فإن بعض المسؤولين الانغوليين، يعتبرون أن موقف بلدهم المعادي لوحدتنا الترابية متجاوز ، ويتناقض تماما مع صورة بلد عصري ينتمي إلى العالم الحرأو كما يريدونه أن يكون. و لا مبرر له إلا كون بلدهم عضوا في الاتحاد الافريقي و التجمع من أجل التنمية و الإندماج لجنوب إفريقيا (SADC)، والذي لا يسمح له باتخاذ موقف مغاير لهما في هذا الموضوع.
  • لوحظ، أيضا، أن أية أنشطة أو تطورات في علاقاتنا مع أنغولا تسبب توترا لدى الانفصاليين، وتدفعهم إلى الإلحاح المفرط على الأنغوليين لجس نبض موقفهم. هذا الإلحاح بدأ يغيظ السلطات الأنغولية على أعلى مستوى. وكمثال على ذلك « الزيارة الغير مرغوب فيها » التي قام بها عبد العزيز المراكشي إلى لواندا، في 14 يوليوز 2010، وكذلك تقديم نسخ اوراق إعتمادي، دون إشعار مسبق( حيث أشعرونا في نفس اليوم)، يوم 20 يناير 2012، كرد فعل على ما ورد في قصاصة غداة نشرها من طرف وكالة أنباء الانفصاليين .
  • بطبيعة الحال المقاربة المغربية، التي تتميز بالتأني و الحكمة، تبقى متميزة، حيث انه خلال سنة 2011 لوحدها، تم تنظيم الأيام الاقتصادية المغربية الأنغولية بلواندا (يونيو)، كما تم فتح خط جوي للخطوط الملكية المغربية(دجنبر)، إضافة إلى شراء الشركة الثالثة للتأمين الأنغولية من قبل مقاولة مغربية. هذا كله جعل من المغرب محطة تستأثر باهتمام الجيل الجديد من النخبة الأنغولية من سياسيين و رجال أعمال.
  • وقد تم دعم هذه المقاربة بمجهودات متواصلة للحد من أنشطة بعثة الجمهورية الوهمية، من خلال عمليات تحسيسية اتجاه السفارات المعتمدة في لواندا، أدت إلى فتح نقاش داخل مختلف المجموعات الإقليمية من السلك الدبلوماسي، نتج عنها مقاطعة متزايدة لعناصر جبهة البوليساريو في أنغولا. و خير مثال على ذلك ما أقدم عليه سفير سويسرا، الذي إستشار وزارته، وأعضاء من السلك الدبلوماسي في لواندا، نتج عنها وضع حد لعلاقاته مع الانفصاليين.
  • وباختصار، يمكن القول أن نشاط الدبلوماسية المغربية في دول منطقة أفريقيا الجنوبية، تعترضها صعوبات و على عدة مستويات:
  • ثقافة اغلبية هذه الدول أنكلوساكسونية.
  • استقلال هذه الدول جاء متأخرا وبصعوبة ، ومعظمها بدون تقاليد سياسية عريقة.
  • تغير الهياكل السياسية باستمرار وسيادة مظاهر التخلف.
  • أنظمتها السياسية لازالت لم تخرج بعد عن منطق المقاومة والدفاع عن قيم الوطنية الضيقة والتشدد لما هو افريقي.
  • 9 من 15 دولة تعترف بالجمهورية الوهمية.
  • مجال حيوي لقوة اقتصادية و سياسية، و المتمثلة في دولة جنوب إفريقيا.
  • التماهي في مواقف التجمع من أجل التنمية و الإندماج لجنوب إفريقيا (SADC) مع مواقف الإتحاد الإفريقي.

الآفـــــــــــــــاق

  • من خلال ما تقدم، يمكن القول أن طريقة العمل التي من الممكن اعتمادها، سواء على المستوى الثنائي أو الإقليمي من أجل إرساء التواجد المغربي في بلد اعتمادي أو المنطقة التي تهمنا، يمر عبر المقترحات التالية:
  • تعزيز ما هو قائم، سواء تعلق الأمر بهياكل سفاراتنا، أو غيرها من المؤسسات المغربية العاملة في المنطقة، كما هو الحال بالنسبة للخطوط الجوية الملكية المغربية.
  • الحفاظ على وتيرة التقارب، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الإستجابة بطيئة في افريقيا بشكل عام.
  • إيلاء المزيد من الاهتمام بالأجيال الجديدة والنخبة الشابة.
  • إتخاذ مبادرات من أجل إنشاء فرق وجمعيات الصداقة البرلمانية، والتجارية والثقافية وغيرها.
  • خلق تقارب ما بين الفاعلين داخل المجتمع المدني المغربي مع نظرائهم في دول الإعتماد.
  • تنظيم حملات تواصلية، بهدف الترويج لمغرب حديث ذو تقاليد عربية إسلامية وأيضا أفريقية.
  • التمسك بالمقاربات الثنائية الجادة، والحفاظ على المكاسب الراهنة، من خلال المبعوثين الخاصين، وتبادل الزيارات والاتصالات على أعلى مستوى.
  • إعادة النظر في تركيبة الخريطة الدبلوماسية وتكيفها، ماديا و بشريا، مع الأخد بعين الإعتبار لخصوصية البلد المضيف.
  • فتح سفارة جديدة في إحدى بلدان التجمع من أجل التنمية و الإندماج لجنوب إفريقيا (SADC)، تتميز بإستقرارها، و لا تحتضن تمثيلية لجبهة البوليساريو.
  • خلق آليات للمزيد من التنسيق وتبادل المعلومات بين بعثاتنا الدبلوماسية من
  • ناحية، و بينها وبين الإدارة المركزية ، خاصة عندما يتعلق الأمر باللقاءات الثنائية على هامش التظاهرات الدولية .
  • هذه الاقتراحات العامة، إذا أخذت بعين الاعتبار في الاستراتيجيات التي تعطي اهمية أكبر لخصوصيات المنطقة المعنية، ومميزات كل بلد من بلدان الاعتماد، سيكون من شأنها تدريجيا فتح قنوات وآفاق لتحقيق أهدافنا.
  • كما تجب الاستفادة من التجارب الناجحة لبعض من سفاراتنا.

    Soyez le premier à commenter

    Laisser un commentaire

    Votre adresse de messagerie ne sera pas publiée.


    *